خلال الفترة الماضية، كثرت جهات اسرائيلية عديدة من تهديداتها بشن حرب على حزب الله. وادعت أنها قادرة على مواجهة هذا الحزب، والقضاء عليه في أي حرب قادمة، وأضافت أنها لن تتردد في ضرب البنى التحتية في لبنان، واعادته للقرون الأولى، أي تدميره كاملاً.
هذه التهديدات الاسرائيلية لم تأت عن فراغ، بل جاءت عقب كلمات القاها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله التي لم يهدد فيها اسرائيل، بل جعلها تعيش في رعب حين قال أنه قد يأتي اليوم الذي يطلب فيه من المجاهدين احتلال منطقة الجليل، وانه لا يستبعد مشاركة مئات الآلاف من المتطوعين في هذه الحرب، أي أن اسرائيل لن تواجه قوات من حزب الله وحدها، بل قوات من دول عديدة، أي حشود شعبية متنوعة، واذا شاركت بالفعل في هذه المعركة، فان اسرائيل ستكون في مأزق كبير جداً لأن كل ما لديها من قوة عسكرية لن تنفع في حال وقوع حرب شوارع، وحرب عصابات داخل اسرائيل!
أسباب الرعب الاسرائيلي
تعود أسباب الرعب الاسرائيلي من حزب الله إلى عدة أمور ووقائع ومن أهمها:-
· أن السيد حسن نصر الله يمتاز بالمصداقية وقول الحقيقة، فهو صادق في تهديداته لاسرائيل.
· يمتلك حزب الله أسلحة متطورة جداً، حصل عليها من ايران، وتقول مصادر عديدة أنه يمتلك مئات الآلاف من الصواريخ المتطورة. وأضافت هذه المصادر أن هناك مصانع صواريخ يمتلكها حزب الله في لبنان.
· قد يخبىء حزب مفاجآت في امتلاكه لأسلحة متطورة قد تشل عمل سلاحي البحرية والجو في آن واحد.
· هناك تخوف من أن حزب الله يقوم بحفر أنفاق تحت الحدود الشمالية، وان مجاهدي حزب الله سيفاجئون الجيش الاسرائيلي من الخلف. واذا استطاع هؤلاء المجاهدون احتلال اراض داخل “اسرائيل”، فان الوضع سيكون صعباً على اسرائيل! وقد يُحدث هذا “بلبلة” كبيرة، ناهيك عن نزوح الملايين من الشمال إلى الجنوب.
· هناك خشية من معرفة حزب الله لمناطق حساسة في اسرائيل. وان تهديده بضرب خزان الأمونيا في حيفا أدخل اسرائيل في صراع في الاسراع بنقل هذا الخزان الى جنوب اسرائيل.
· عندما يتوقع السيد نصر الله بمشاركة مئات الآلاف من المجاهدين في المعركة ضد اسرائيل، فهذا يعني أنهم لا يخافون الالغام ولا الاسلاك الشائكة، فانهم قادرون على اجتياز الحدود، وتجاوز كل المعوقات لذلك.
· هناك تخوّف من أن سورية، وبعد القضاء على “الارهاب” كاملاً، فإنها لن تتردد في فتح جبهة الجولان والطلب إلى مجلس الأمن الدولي تطبيق قراره رقم 242. وسيكون على جبهة الجولان مقاتلون من لبنان ومن كل الدول العربية!
التعاون مع السعودية
من أجل محاولة ضرب حزب الله من الداخل، لا بدّ من التقارب من السعودية، التي هي على عداء مع حزب الله، حتى ان اميركا تقف ضد حزب الله ووصف الرئيس الاميركي دونالد ترامب هذا الحزب بأنه ارهابي، تماماً مثل حماس.
سورية ترغب في ازدياد قوة حزب الله، في حين أن السعودية تأمل القضاء عليه، وقد تُحرّض اسرائيل على شن حرب جديدة بتمويل سعودي. فالسعودية تعتبر حزب الله الذراع العسكري لايران في لبنان ولا بدّ من محاصرته.
وقد حاولت اسرائيل توجيه ضربة للحزب من الداخل اللبناني، من خلال دعم معارضته، والمطالبة بنزع سلاحه. ومن خلال تعاون اسرائيل مع السعودية، فان أعداء الحزب في لبنان، والموالين للسعودية سيساعدون اسرائيل في محاصرة الحزب من الداخل، وطعنه من الداخل، لكن هذا لن ينفع مع الحزب الآن لانه يحظى بشعبية كبيرة، وان تحالفاته قوية داخل لبنان.
كما أن الحزب يستخدم سياسة هادئة عاقلة حكيمة، إذ أنه لا يتطلع إلى حرب، ولكنه يقول أنه مستعد للدفاع عن لبنان.
ولا بدّ من القول أن اضعاف حزب الله يعني اضعاف محور المقاومة، أي اضعاف المحور المعادي للتطبيع مع اسرائيل، وهذا المحور سيقف بالمرصاد لكل الدول العربية التي تحاول التطبيع مع اسرائيل على حساب القضية الفلسطينية.
من هنا يمكن القول أن “حزب الله” هو العامل المشترك الذي يوحّد السعودية مع اسرائيل.. ولكنه في الوقت نفسه العائق القوي أمام محاولة هذين البلدين فرض حلول على القضية العربية الفلسطينية، وعلى القضايا الأخرى.
قد يدعى قائل أن التعاون السعودي الاسرائيلي غير وارد، وما يقال عنه سوى “أوهام” و”فبركات”، ولكن المعطيات الأمنية والاستخبارية، والتقارير العديدة التي تنشر تؤكد على وجود هذا التعاون منذ سنوات عديدة، وقبل بدء مؤامرة “الربيع” على العالم العربي! وان اسرائيل بحاجة ماسة للسعودية في تصفية القضية الفلسطينية وفي ضرب محور المقاومة، وكذلك السعودية بحاجة الى دعم اسرائيل لها في حربها ضد اليمن، وفي تصديها لايران، وفي حصولها على الموقع “القيادي” للعالم العربي، وللعالم “السني” أيضاً!